قال:"قرأت على مالك": تصريح بالقراءة على مالك، والعادة جرت أن يقال: أخبرنا مالك، وهذه الصيغة تكفي عن قوله: قرأت على مالك؛ لأن صيغة (أخبرنا) إنما تستعمل في حال العرض الذي هو القراءة على الشيخ، وهنا يقول: قرأت على مالك، ومعلوم أن مالكاً -رحمه الله- لا يقرأ على أحد، وإنما يُقرأ عليه، لا يقرأ على أحد، ولذلكم لا تجدون من يقول: حدثنا مالك، أو سمعت مالكاً.
يقول: قرأت على مالك عن نعيم بن عبد الله عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((على أنقاب المدينة)): الأنقاب جمع نقب، هو الطريق في الجبل، وقيل: إن المراد بالأنقاب طرق المدينة وفجاجها، طرقها، يعني على أفواه طرقها وعلى فجاجها.
((ملائكة يحرسونها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال)): يعني رد الدجال من قبل الملائكة محسوس وواضح، لكن ماذا عن رد الطاعون، هل يستطيع الملائكة أن يردوا الطاعون، والطاعون أمر معنوي لا يرى بالعين المجردة، نعم له جراثيمه وله أسبابه، لكن كيف يردون الطاعون، ((لا يدخلها الطاعون))؟
كل هذا بأمر الله -جل وعلا- وقدرته أمر سهل ميسر لهؤلاء الملائكة الذين ينفون عنها ويدفعون عنها الطاعون.
وهو مرض يأتي على الناس فيموتون بعامة -يأخذ النفر الكثير- والطاعون لا شك أنه شهادة، الطاعون شهادة، وقد جمع الحافظ ابن حجر كتاباً أسماه:(بذل الماعون في فضل الطاعون).
وإذا كان شهادة فكيف يمنع من المدينة على فضلها؟ وأهل العلم يقولون في قنوت النوازل: يقنت الإمام في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة غير الطاعون"، يستثنون الطاعون؛ لأنه شهادة.
وما نزل بهذه البلاد من الطاعون قبل كم؟
تسعين سنة، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وألف، يسمونه سنة الرحمة، مات خلائق لا يحصون في نجد، يسمون ذلك بسنة الرحمة؛ لأنه طاعون، ويأخذ بالجملة، يعني يموت من البيت الواحد خمسة ستة، يبقى واحد أو اثنين.
والطاعون على مر التاريخ موجود، سنة ثماني عشرة طاعون عمواس مات به كثير من الصحابة، الطاعون الجارف، والطواعين على مر التاريخ كثيرة، ولا يوجد منها واحد بالمدينة، ما وجد ولا واحد بالمدينة؛ لأن أنقاب المدينة عليها ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال.