هذا تنبيه من بعض الإخوان: النووي -رحمه الله تعالى- في بيان معنى لبيك، وأن التثنية ليست مقصودة، ذكر تبعاً لغيره، هذا مذكور عند الشراح ممن تقدم النووي، بدءً من المازري في شرح مسلم صاحب المعلم فمن دونه، أصحاب التكملات عليه، نظّروا التثنية في لبيك بقوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [(٦٤) سورة المائدة] وقالوا: إن التثنية ليست مقصودة، فمعنى اليد هنا النعمة، عندهم، ونعمه لا تعد ولا تحصى فالتثنية لا تعد ولا تحصى، وهذا لا شك أن هذا جارٍ على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات، والنووي -رحمه الله تعالى- في هذا الباب وفي بعض أبواب العقائد أشعري المذهب، لا شك في هذا، عنده تأويل، ابن حجر لم يسلم، وإن كان أخف من النووي، وغيرهم من الشراح ما سلموا، لكن هذه مع أنها أمور عظيمة لا شك أن منهج السلف في هذا الباب إثبات ما أثبته الله لنفسه على ما يليق بجلاله، ويستوي في ذلك ما في كتابه وما في سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، على ما يليق بجلاله وعظمته، وهم نحو منحاً آخر، ورأوا التنزيه في هذا الباب، وأنه ليس كمثله شي، وكل هذا دعاهم إلى أن يأولوا الصفات متنكبين جادة السلف الصالح في هذا، وأخطأوا في هذا، ولا شك أن التأويل ارتكابه مزلق خطير في هذا الباب، وإن ارتكبه من ارتكبه من الجلة من الكبار؛ لكن هذا لا يعني أنهم لم يخطأوا، أخطأوا، فالنووي -رحمه الله- سلك مسلك الأشاعرة في هذا الباب، ويكاد يكون مطرد عنده، مطرد عنده مذهب الأشاعرة في أكثر ما يخالفون فيه أهل السنة، فهو أقرب ما يقال: أنه أشعري، بخلاف من لم يطرد فيه مذهب الأشاعرة يقال فيه: أشعرية، ما يقال: أشعري، وفرق بين أن تكون النسبة نسبة الشخص تامة، وبين أن تكون جزئية، يعني لو شخص محسوب على أهل السنة، يعني في جميع أبواب الدين على مذهب أهل السنة، ثم أخطأ في مسألة يقال: فيه كذا، وفرق بين أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر: امرؤ فيه جاهلية، وبين أن يقول: جاهلي، فرق بين هذا وذاك، وشخص فيه نفاق، وبين شخص منافق، فالنووي أقرب ما يكون إلى مذهب الأشاعرة، كأنه فيما ظهر لي بالاستقراء أنه مطرد عنده، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وإن كان يشدد على