من أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس عليه، فقال:
لقد أصابك بعدي شر يابنية، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فكلمه، فلم يجبه بكلمة، ثم ذهب أبو سفيان إلى أبي بكر الصديق، فكلمه أنه يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتى له، فأبى أبو بكر من ذلك.
فلقى عمر فكلمه في ذلك، فقال عمر: أنا أفعل ذلك؟ والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به، فدخل علي على بيته، فوجد عنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن وهو صبي فكلمه فيما أتى له، فقال له علي: والله ما نستطيع أن نكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر قد عزم عليه، فالتفت إلى فاطمة فقال: يا بنت محمد، هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس؟ فقالت: ما بلغ بني ذلك وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: يا أبا سفيان أنت سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك، فقال: أترى ذلك مغنيا عني شيئا، قال: ما أظن ذلك، ولكن لا أجد لك سواه، فقام أبو سفيان في المسجد فقال: ايها الناس، إنني قد أجرت بين الناس، ثم ركب فانطلق راجعا إلى مكة حتى قدم إليها، وأخبر قريشا بما فعل وبما لقي، فقالوا له: ما جئت بشيء، وما زاد علي بن أبي طالب على أن لعب بك.
ثم أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سائر إلى مكة، فأمرهم بالتجهيز لذلك، ودعا الله تعالى أن يأخذ عن قريش بالأخبار «١» .
فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتابا يخبرهم فيه بقصد الرسول صلى الله عليه وسلم، فأتى الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، فدعا علي بن أبي طالب والزبير والمقداد وهم فرسان، فقال لهم: انطلقوا إلى روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب لقريش، فانطلقوا، فلما أتوا المكان الذي وصف لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدوا المرأة، فأناخوا بها، ففتشوا رحلها كله فلم يجدوا شيئا، فقالوا: والله ما كذب رسول الله،
(١) - نص الحديث: اللهم خذ العيون والأخبار عن قرية حتى نبغتها في بلادها.