فقال علي: والله لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب، فحلت قرون رأسها، فأخرجت الكتاب منها، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قرىء عليه قال: ما هذا يا حاطب؟ فقال حاطب: يا رسول الله، والله ما شككت في الإسلام، ولكن ملصق في قريش، فأردت أن اتخذ عندهم يدا يحفظونني بها في شأفتي بمكة وولدي وأهلي، فقال عمر: دعني يا رسول الله، أضرب عنق هذا المنافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر؟ لعل الله تعالى قد أطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف، واستخلف على المدينة آبارهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري، وذلك لعشر خلون من رمضان، فصام حتى بلغ الكديد بين عسفان وأمج فأفطر بعد صلاة العصر، وشرب على راحلته علانية ليراه الناس، وأمر بالفطر، فبلغه صلى الله عليه وسلم أن قوما تمادوا على الصيام، فقال: أولئك العصاة، فكان هذا نسخا لما تقدم من إباحة الصيام في السفر.
ولم يسافر النبي صلى الله عليه وسلم بعدها في رمضان أصلا فهذا الحكم في السفر ناسخ لما قبله، ولم يأت بعد شيئا ينسخه، ولا حكم يرفعه.
فلما نزل من الظهران ومعه من بني سليم ألف رجل، ومن مزينة ألف رجل، وثلاثة رجال، وقيل من بني سليم سبعمائة، ومن غفار أربعمائة، ومن أسلم أربعمائة وطوائف من قيس وأسد، وتميم وغيرهم، ومن سائر القبائل أيضا جموع.
وقد أضفى الله تعالى أيضا عن قريش الخبر لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم وجسون وجلون خائفون، وقد خرج أبو سفيان، وبديل بن ورقاء، وحكيم بن حزام الأخبار.
وقد كان العباس بن عبد المطلب هاجر في تلك الأيام، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فبعث ثقله إلى المدينة، وانصرف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا، فالعباس