للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان بخطم الجبل «١» أو الوادي، ففعل ذلك العباس، وعرض على أبي سفيان القبائل، قبيلة قبيلة، إلى أن جاء موكب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، رضوان الله عليهم خاصة كلهم في الدروع، والبيض، فقال أبو سفيان: - من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، فقال: والله، مالأحد بهؤلاء من قبل، والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما، فقال العباس: إنها النبوة، يا أبا سفيان، قال: فهذا إذن، فقال العباس: يا أبا سفيان، النجاء إلى قومك ... النجاء إلى قومك، أي أسرع إليهم وأعلمهم بما رأيت.

فأسرع أبو سفيان، فلما أتى مكة عرّفهم بما أحاط به، ثم أخبرهم بتأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من دخل داره أو المسجد، أو دار أبي سفيان.

وتأبش «٢» قوم ليقاتلوا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رتّب الجيش، وكان قد جعل الراية بيد سعد بن عبادة ثم بلغه أنه قال: اليوم يوم الملحمة.. اليوم تستحل الحرمة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع الراية إلى الزبير بن العوام، وقيل إلى علي بن أبي طالب، وقيل إلى قيس بن سعد بن عبادة، وكان الزبير على الميسرة، وخالد ابن الوليد على الميمنة، وفيها أسلم وغفار، ومزينة وجهينة، وكان أبو عبيدة بن الجراح على مقدمة موكب النبي صلى الله عليه وسلم، وسرّب رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيوش من طوى، وأمر الزبير بالدخول من ذى كدا في أعلى مكة، وأمر خالد بالدخول من الليط أسفل مكة، وأمرهم بقتال من قاتلهم،

وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، قد جمعوا جميعا بالخندق ليقاتلوا فناوشهم أصحاب خالد القتال وأصيب من المسلمين رجلان


(١) - خطم الجيل: مقدمته. وكذا خطم كل شيء مقدمته وأوله، وخطم الداية: مقدم أنفها، وهنا يقصد به شيء يخرج من الجبل يضيق به الطريق.
(٢) - تأبش قوم: أي تجمعوا وتازروا وتظاهروا مع بعضهم البعض لقتال المسلمين.

<<  <   >  >>