للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله إلى رحله، ويأتيه به صباحا، ففعل العباس ذلك، فلما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم يأن لك: ألم تعلم ألاإله إلا الله؟ فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك، وأوصلك، والله لقد ظننت أنه لو كان معه إله غيره لقد أغنى، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك ألم تعلم أني رسول الله؟؟ فقال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك!! أما هذه ففي النفس منها شيء حتى الآن، فقال له العباس: ويحك، أسلم قبل أن تضرب عنقك ... فأسلم، فقال العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فأجعل له شيئا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من كان لا يقاتل، من أهل مكة، بنص جلي لا إشكال فيه ولا لبس ولا غموض، فإن مكة مؤمنة بلا شك، ومن تمّ لم تؤخذ عنوة بوجه من الوجوه، ولو آمن مسلم من أي المسلمين قرية من دار الحرب على أن يغلقوا أبوابهم ولا يقاتلوا على ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مكة، لكان أمانا صحيحا، وللزم ذلك كل مسلم، ولحرمت دماؤهم وأموالهم وديارهم، وللزمهم الإسلام أو الجلاء إلا أن يكونوا كتابيين، فيباح لهم القرار على الجزية والصغار، فكيف آمان رسول الله صلى الله عليه وسلم!! ... فمن قال: إن مكة صلح على هذا المعنى، فقد صدق، ومن قال: إنها صلح على أنهم دافعوا وامتنعوا حتى صالحوا، فقد أخطأ، وأما من قال: عنوة فقد أخطأ على كل حال.

والصحيح اليقين المحض أنها مؤمنة على دمائهم، وذراريهم وأموالهم، ونسائهم إلا من قاتل أو استثنى فقط.

<<  <   >  >>