للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على باب الخيمة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العريش متوشحا بسيفه في ناس من الأنصار رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كأنك تكره ما يصنع الناس؟» قال: أجل، والله كانت أول وقعة أوقعها الله بالمشركين. وكان الإثخان في القتل أحب إلى من استبقاء الرجال.

ولما بردت الحرب، وولى القوم مدحورين مهزومين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ينظر لنا ما صنع أبو جهل» ؟ فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، وأخذ بلحيته فقال: أنت أبو جهل؟ فقال: لمن الدائرة اليوم؟ فقال: لله ولرسوله، وهل أخزاك الله، يا عدو الله؟ فقال: وهل فوق رجل قتله قومه؟ فقتله عبد الله، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قتلته، فقال: «الله الذي لا إله إلا هو، فرددها ثلاثا، ثم قال: «الله أكبر، الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، انطلق، أرنيه» فانطلقنا، فأريته إياه، فقال: هذا فرعون هذه الأمة «١» .

وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف، وابنه عليا، فأبصره بلال، وكان أمية يعذبه بمكة، فقال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، ثم استوخى «٢» جماعة من الأنصار واشتد عبد الرحمن بهما يحرزهما منهم، فأدركوهم، فشغلهم عن أمية بابنه ففرغوا منه ثم لحقوهما فقال له عبد الرحمن: أبرك، فبرك، فألقى نفسه عليه، فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه، وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن بن عوف. قال له أمية قبل ذلك: من الرجل المعلم في صدره بريشة نعامة؟ فقال: ذلك حمزة بن عبد المطلب، فقال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل؟

وكان مع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، فلما رآه أمية، قال له: أنا خير لك من هذه الأدراع فألقاها وأخذه، فلما قتله الأنصار، كان يقول: يرحم الله بلالا، فجعني بأدراعي، وبأسيري.


(١) - أخرجه البخاري مختصرا ومسلم في الصحيح (١٨٠٠) والإمام أحمد في المسند (٣/ ١١٥) من حديث أنس.
(٢) - إستوخى: إستصرخ.

<<  <   >  >>