للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب «١» أسيرا، فقال العباس:

إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق، ما أراه من القوم. فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: اسكت، فقد أيدك الله بملك كريم» وأسر من بني عبد المطلب ثلاثة: العباس، وعقيل، ونوفل ابن الحارث «٢» .

وثبت أن إبليس لما رأى ما تفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه، فتشبث به الحارث بن هشام، وهو يظنه سراقة بن مالك، فوكزه في صدر الحارث، فألقاه، ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر، ورفع يديه وقال:

اللهم إني أسألك نظرتك إياي، وخاف أن يخلص وينتهي إليه القتل، فأقبل أبو جهل ابن هشام فقال: يا معشر الناس، لا يهز منكم خذلان سراقة إياكم، فإنه كان على ميعاد من محمد، ولا يهولنكم قتل عتية وشيبة والوليد، فإنهم قد عجلوا فواللات والعزى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال. ولألقين رجلا منكم قتل رجلا منهم، ولكن خذوهم «٣» أخذا؛ حتى نعرفهم سوء صنيعهم.

واستفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال: اللهم أقطعنا للرحم، وآتلنا بما لا نعرفه، فأحنه الغداة، اللهم أينا كان أحبّ إليك، وأرضى عندك فانصره اليوم، فأنزل الله عز وجل: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ «٤» .

ولما وضع المسلمون أيديهم في العدو يقتلون ويأسرون، وسعد ابن معاذ واقف


(١) - راجع ترجمة العباس بن عبد المطلب في: صفة الصفوة لابن الجوزي (١/ ٢٠٣) وتهذيب ابن عساكر (٧/ ٢٢٦) وتاريخ الخميس (١/ ١٦٥) .
(٢) - أخرجه أحمد (١/ ١١٧) من حديث علي- رضى الله عنه.
(٣) - خذوهم: إئسروهم، والأخيذ هو المأسور.
(٤) - الأنفال (٨/ ١٩) .

<<  <   >  >>