للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجلا منهم إلا ملأت عينيه، وشغلوا بالتراب في أعينهم، وشغل المسلمون بقتلهم.

وفي حديث عبد الله بن صعير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فأخذ كفا من الحصى بيده، ثم خرج فاستقبل القوم فقال: شاهت الوجوه، ثم نفحهم بها ثم قال لأصحابه:

(احملوا، فلم تكن إلا الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديدهم، وأسر من أسر منهم) .

أنزل الله تعالى في شان هذه الرمية، على رسوله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: - «وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى) «١» .

وقد ظن طائفة أن الآية دلت على نفي الفعل عن العبد، وإثباته لله، وإنه هو الفاعل الحقيقي، وهذا غلط وفساد منهم من وجوه عديدة مذكورة عند أكثر أهل العلم من المفسرين وفي غير هذا الموضع.

كانت الملائكة يومئذ تبادر المسلمين إلى قتل أعدائهم، قال ابن عباس: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وسوط الفارس فوقه يقول: أقدم حيزوم، إذ نظر إلى المشرك أمامه مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمعه، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة) «٢» .

وقال أبو داود المازني: «إني لأتبع رجلا من المشركين؛ لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيري» «٣» .


(١) - الأنفال (٨/ ١٧) معنى الآية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ثبت له إبتداء الرمي، وقد نفى الله عنه الإيصال الذي لم يحصل برميته، فالرمي يراد به الحذف والإيصال، فأثبت لنبيه الحذف، ونفى عنه الإيصال.
(٢) - أخرجه مسلم في الصحيح (١٧٦٣) من حيث عمر- رضي الله عنه-.
(٣) - أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١/ ٣٠) .

<<  <   >  >>