للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حائطي إن كنت رسول الله، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال: «لا تقتلوه، فهذا أعمى القلب أعمى البصر» .

ونفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي، وجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، فلما أصبح يوم السبت، تعبّأ للقتال، وهو في سبعمائة، فيهم خمسون فارسا، واستعمل على الرماة- وكانوا خمسين عبد الله بن جبير، وأمره وأصحابه أن يلزموا مركزهم وألا يفارقوه، ولو رأى الطير تتخطف العسكر وكانوا خلف الجيش، وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنبل، لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم.

وقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه «١» من حديث البراء قال: لقينا المشركين يومئذ، وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة، وأمّر عليهم عبد الله بن جبير، وقال: «لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا» «٢» ، فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا، فلا تعينونا» .

وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين يومئذ وأعطى اللواء مصعب بن عمير، ثم جعل على إحدى المجنتين «٣» الزبير ابن العوام «٤» ، وعلى الآخرى المنذر بن عمرو، واستعرض الشباب يومئذ، فردّ من استصغره عن القتال، وكان منهم عبد الله بن عمر، وأسامة بن زيد، وأشيد بن ظهير، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وعرابة بن أوس، وعمرو بن حزم، وأجاز من رآه مطيقا، وكان منهم سمرة بن جندب ورافع بن خديج، ولهما خمس عشرة سنة «٥» .


(١) - الصحيح (٥/ ٢١٤/ ٤٠٤٣) وأبو داود في السنن، والإمام أحمد في المسند.
(٢) - ظهرنا: انتصرنا.
(٣) - المجنتين: مثنى مفرده مجنة.
(٤) - راجع ترجمة الزبير بن العوام في الطبقات الكبرى، والعشرة المبشرون بالجنة للسيد الجميلي- طبعة دار الكتاب العربي- بيروت.
(٥) - قيل: أجاز من أجاز لبلوغه خمس عشرة سنة، ورد من رد لصغره عن سن البلوغ، وقالت طائفة من العلماء: إنما أجاز من أجاز لإطاقته، ورد من رد لعدم إطاقته، ولا تأثير للبلوغ في ذلك إنما العبرة بالطاقة والإحتمال.

<<  <   >  >>