للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم تعبّأت قريش في ثلاثة آلاف، وفيهم مائتا فارس، فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد، وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي دجانة سماك بن خرشة، وكان شجاعا بطلا يختال عند الحرب وكان أول من بدر من المشركين أبو عامر الفاسق، واسمه عبد عمرو بن صيفي، وكان يسمى «الراهب» فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم «الفاسق» وكان رأس الأوس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام، شرق به، وجاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة؛ فخرج من المدينة وذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحضهم على قتاله، ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه، ومالوا معه، فكان أول من لقي المسلمين فنادى قومه، وتعرف إليهم، فقالوا له: - لا أنعم الله بك عينا يا فاسق، فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم قاتل المسلمين قتالا شديدا، وكان شعار المسلمين يومئذ أمت» «١» .

وأبلى يومئذ أبو دجانة الأنصاري، وطلحة بن عبيد الله، وأسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وأنس بن النضر، وسعد بن الربيع.

وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار، فانهزم عدو الله وولّوا مدبرين حتى انتهوا إلى نسائهم، فلما رأى الرماة هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه، وقالوا: يا قوم، الغنيمة، فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يسمعوا، وظنوا أن ليس للمشركين رجعة، فذهبوا في طلب الغنيمة، وأخلوا الثغرة، وكرّ فرسان المشركين فوجدوا الثغر خاليا، قد خلا من الرماة، فجازوا منه فتمكنوا حتى أقيل آخرهم، فأحاطوا بالمسلمين، فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة، وهم سبعون، وتولى الصحابة وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرحوا وجهه، وكسروا رباعيتة اليمنى، وكانت السفلى، وهشموا البيض على رأسه «٢» ، ورموه بالحجارة


(١) - أخرجه أبو داود في السنة (٣/ ٧٤/ ٢٥٩٦) و (٣/ ١٠٠/ ٢٦٣٨) وأخرجه الدارمي في السنة (٢/ ٢١٩) .
(٢) - أخرجه البخاري (٦/ ٦٩/ ٧١) ومسلم (١٧٩٠) من حديث سهل بن سعد.

<<  <   >  >>