للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأشار إليه أن اسكت، واجتمع إليه المسلمون، ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه، وفيهم أبو بكر وعمر وعلي والحارث بن الصّمّة الأنصاري، وغيرهم، فلما استندوا إلى الجبل، أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف على جواد له يقال له: العوذ زعم عدو الله أنه يقتل عليه صلى الله عليه وسلم، فلما اقترب منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، فطعنه بها فجاءت في ترقوته، فكرّ عدو الله منهزما، فقال له المشركون: والله ما بك من بأس فقال: والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز، لماتوا أجمعون، وكان يعلق فرسه بمكة ويقول: أقتل عليه محمدا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: - «بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى» فلما طعنه تذكر عدو الله قوله: أنا قاتله.

فأيقن بأنه مقتول من ذلك الجرح، فمات منه في طريقه إلى مكة «١» .

وجاء علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء ليشرب منه فوجده آجنا، فرده وغسل عن وجهه الدم، وصب على راسه، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرة هنالك، فلم يستطع لما به فجلس طلحة تحته حتى صعدها وحانت الصلاة فصلى بهم جالسا، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار.

وشد حنظلة الغسيل، وهو حنظلة بن أبي عامر على أبي سفيان، فلما تمكن منه، حمل على حنظلة شداد بن الأسود فقتله وكان جنبا، فإنه سمع الصيحة وهو على امرأته، فقام من فوره إلى الجهاد، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة تغسله، ثم قال: سلوا أهله ما شأنه؟ فسألوا امرأته، فأخبرتهم الخبر، وجعل الفقهاء هذا حجة أن الشهيد إذا قتل جنبا فإنه يغسل اقتداء بالملائكة «٢» .

وقتل المسلمون حامل لواء المشركين، فرفعته لهم عمرة بنت علقمة الحارثية؛ حتى اجتمعوا إليه، وقاتلت أم عمارة وهي نسيبة بنت كعب المازنية قتالا شديدا،


(١) - أخرجه الحاكم (٣/ ٢٠٤، ٢٠٥) .
(٢) - هذا رأي أي حنيفة وأحمد، لكن مالكا والشافعي قالا: إنه لا يغسل لعموم الدليل، ولأنّ ذلك لو كان واجبا لما سقط بغسل الملائكة.

<<  <   >  >>