للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضربت عمرو بن قمئة بالسيف ضربات فوقته درعان كانتا عليه، وضربها عمرو بالسيف فجرحها جرحا شديدا على عاتقها.

وكان عمرو بن ثابت المعروف بالأصيرم من بني عبد الأشهل يأبي الإسلام، فلما كان يوم أحد قذف الله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت منه له، فأسلم وأخذ سيفه، ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فقاتل فأثبت بالجراح ولم يعلم أحد بأمره، فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى، يلتمسون قتلاهم، فوجدوا الأصيرم وبه رمق يسير، فقالوا: والله إن هذا الأصيرم ما جاء به، لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر، ثم سألوه ما الذي جاء بك؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ فقال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله، ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ماترون، ومات من وقته فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هو من أهل الجنة» قال أبو هريرة: ولم يصل لله صلاة قط «١» .

ولما خبا سعير الحرب، وأطفأ الله جمرتها، وأباد خضراءها وقلم أظفارها، أشرف أبو سفيان على الجبل مناديا: - أفيكم محمد؟ فلم يجيبوه، فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه، فقال: أفيكم عمر بن الخطاب؟ فلم يجيبوه، ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة، لعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهم، فقال: أما هؤلاء، فقد كفيتموهم، فلم يملك عمر نفسه أن قال: يا عدو الله، إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله لك ما يسوءك، فقال: قد كان في القوم مثلة لم آمر بها، ولم تسؤني، ثم قال: اعل هبل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا تجيبونه؟» فقالوا: ما نقول؟ قال: «قولوا: الله أعلى وأجل» ثم قال: لنا العزّى ولا عزّى لكم. قال: «ألا تجيبونه؟» قالوا:

ما نقول؟ قال: «قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم» «٢» .


(١) - أخرجه أبن هشام في السيرة.
(٢) - أخرجه الإمام البخاري في الصحيح (٧/ ٢٦٩) والإمام أحمد في المسند (١/ ٢٨٨) . ١-

<<  <   >  >>