للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الدين، لأن الباطل دائما يخشى أن يفوته نعيم الدنيا الزائف لأن في الباطل والفساد ترتع الأهواء والنزوات، فإذا ما انجلى الريب، وزال الشك، وانحسرت غيوم الفساد والتردي انقلبت أوضاع أهل الضلال لينقلبوا صاغرين مدحورين، مغلولين ...

لذلك فقد وقف المعاندون صفا كثيفا ضد الإسلام وانبروا له واهمين أنهم في مقدورهم ان ينالوا منه شيئا وخاب ظنهم، وتشعب صدعهم، وتفرقت قواهم، فقد قلّم الإسلام أظفارهم، ونحت أثلتهم، وأباد خضراءهم، واستأصل شأفتهم وقص صاجهم فدلكت شمس غرورهم، وشتت الله شملهم وأبادهم أيادي سبأ، وقد أتى الإسلام بنيانهم من القواعد.

كان رجال الإسلام ليوث غاب، وأسود شرى، لا تنبو سيوفهم عن ضريبة، ولا تكل لهم عزيمة، ولم تفتر لهم همة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

قال تعالى: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «١» وهذه دعوة صريحة، وأمر مباشر للقتال في سبيل الله.

ومهما لاقى المسلم في سبيل الجهاد في سبيل الله فإن عليه ألايهون، وأن لا يحزن، وألايستسلم، لأنه موعود بنصر الله، فهو ظافر رابح غانم على كل حال فإن هو استشهد فاز بجنات النعيم، وإن صبر على حر اللقاء والطعان والضراب كان منصورا بعون الله وتمكينه.

قال تعالى: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «٢» ثم يقول:

إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ «٣» .

لكن ولماذا الجهاد والغزو، والحرب وما فيها من هلاك ودمار وإتيان على


(١) - البقرة (٢/ ٢٤٤) .
(٢) - آل عمران (٣/ ١٣٩)
(٣) - آل عمران (٣/ ١٤٠) . والقرح: الجراح- بالقاف المثناة الفوقية المفتوحة- وهي أيضا بالضم، قيل: إن الفتح والضم لغتان فيها مرويتان عن الأخفش والكسائي على ما ذكر القرطبي في جامعه (٤/ ٢١٧) لكن الطبرى في تفسيره (٧/ ٢٣٧) قال: - «إن قراءة الفتح في الحرفين هي أولى القراءتين بالصواب» أ. هـ. بتصرف من جامع البيان.

<<  <   >  >>