وأصيب في هذه الغزوة هشام بن صبابة الليثي من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت خطأ وهو يظنه من العدو.
وفي رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة قال عبيد الله بن أبي بن سلول:«لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» وذلك لشر وقع بين جهجاه بن مسعود الغفاري أجير عمر بن الخطاب، وبين سنان بن وبر الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج، فنادى الغفاري: يا للمهاجرين، ونادى الجهني: يا للأنصار، وبلغ زيد بن الأرقم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة عبد الله بن أبي بن سلول فنزل في ذلك من عند الله تعالى سورة «المنافقون» .
وتبرأ عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول من أبيه، وأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنت يا رسول الله الأعز وهو الأذل، والله- إن شئت- لتخرجنه يا رسول الله، ووقف لأبيه قرب المدينة، فقال: والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدخول، فتدخل حينئذ.
وقال أيضا عبد الله بن عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل أبي، وإني أخشى إن أمرت بذلك غيري لا تدعني نفسي أرى قاتل أبي يمشي على الأرض فأقتله به، فأدخل النار إذا قتلت مسلما بكافر، وقد علمت الأنصار أني من أبرها بأبيه، ولكن يا رسول الله، إذا أردت قتله فمرني بذلك، فأنا والله، أحمل إليك رأسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وأخبره أنه لا يسيء إلى أبيه.
وفد من مكة قيس بن صبابة مظهرا إسلامه، وطلب دية أخيه هشام بن صبابة، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فأخذها، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، وفرّ إلى مكة كافرا وهو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله في فتح مكة، في جملة من أمر بقتلهم.
كان شعار المسلمين يوم بني المصطلق أمت أمت، ولما علم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية، أعتقوا كل ما كان في أيديهم من بني المصطلق، كرامة لمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلق بسببها أهل بيت من قومها قرابة المائة.