للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بأزيد من عامين الوليد بن عقبة بن أبي معيط مصدقا «١» ، فخرجوا ليتلقوه، ففزع فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم همّوا بقتله، فتكلم الناس في غزوهم، ثم أتى وافدهم منكرا لرجوع مصدقهم قبل أن يلقاهم، معرفين أنهم إنما خرجوا متلقين له مكرمين لوروده فنزلت في ذلك: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ «٢» .

وفي مرجع الناس من غزوة بني المصطلق قال أهل الإفك ما قالوه في حق أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها.

قال ابن سعد: وفي هذه الغزوة سقط عقد لعائشة، فاحتبسوا على طلبه، فنزلت آية التيمم.

أنزل الله تعالى براءة عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها- ما أنزل، وقد روي من طرق صحاح ما أنزل عنها في ذلك في قوله تعالى:

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ

«٣» .

وروي أن سعد بن معاذ كانت له في شيء من ذلك مراجعة مع سعد بن عبادة، وهذا وهم، لأن سعد بن معاذ مات إثر فتح قريظة من غير نكير في ذلك وبلا معارض، وكان فتح بني قريظة في آخر ذي القعدة من السنة الرابعة من الهجرة، وغزوة بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة، أي بعد سنة وثمانية أشهر من موت سعد، وكانت المقاومة بين الرجلين المذكورين بعد الرجوع من غزوة بني المصطلق بأزيد من خمسين ليلة.


(١) - المصدق: العامل الذي يعين ويناط به جمع الزكاة من أصحابها.
(٢) - الحجرات (٤٩/ ٦) .
(٣) - النور (٢٤/ ١٥، ١٦) .

<<  <   >  >>