للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك كان الإسلام قويا صلبا إزاء أعداء الحق وأعداء التوحيد، وعلى صخرته القعساء «١» تهشم وتحطم بطلان الباطلين وفساد المفسدين وإشراك المشركين.

وبدأ المسلمون في النشاط العسكري بعد نزول الإذن بالقتال، وقاموا بحركات عسكرية أشبه ما تكون بالدوريات الإستطلاعية «٢» .

كان على هذه الدوريات الإستطلاعية، استكشاف الطرق، ودراسة مداخل ومخارج المدينة لرصد تحركات العدو من أي من السبل المتصلة بالمدينة.

بلغ جيش المسلمين غاية القوة والمنعة وهم قليل بسبب قوة العزيمة، والثقة بنصر الله، والرغبة في رضوانه من جنات النعيم من دار المقامة، وكانوا نتيجة تحقيرهم شأن الدنيا موزعين ومولعين بنعيم الآخر، فكانوا لذلك مسارعين للطاعات، مقبلين على الجهاد بالنفوس والنفائس.

إن الذي تهون عليه نفسه، وينافح عن عقيدة، ويذب عن قضية يعتقدها لا يصرفه توجس، ولا يفت في ساعده شكيمة خصم مماري، أو متلدد مداري.

وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعا وعشرين غزوة، قاتل منها في تسع غزوات.

كما كانت بعوثه وسراياه ثمانية وثلاثين من بعث وسرية، وكان آخر بعث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أسامة بن زيد إلى الشام.

باستعراض هذه الغزوات المتلاحقة، والمواقع الشرسة والملاحم الدامية تنجلي وتتبلور الصورة في أسمى وأجلى معانيها من البذل والفداء وكسب المذخور، واجتناب المحظور، ونقض الباطل ودحض الضلال وطرح الفساد وتطويح الوثنية.


(١) - القعساء: الثابتة المنيعة.
(٢) - كل ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم فيه سماه المؤرخون (غزوة) سواء حارب فيها أم لم يحارب، وسموا ما خرج فيه أحد قادتة سرية.

<<  <   >  >>