أخا بني الحارث بن الخزرج؛ ليعرفوا الأمر، فلما بلغوا بني قريظة، وجدوهم مجاهرين مكاشفين بالغدر، ونالوا من النبي صلى الله عليه وسلم، فشاتمهم سعد بن معاذ، وانصرفوا.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرهم إن وجدوا غدر بني قريظة حقا أن يعرضوا له الخبر ولا يصرحوا، فأتوا فقالوا: عضل والقارة تذكيرا بغدر القارة بأصحاب الرجيع، فعظم الأمر، وأحيط بالمسلمين من كل جهة، واستأذن بعض بني حارثة فقالوا:
يا رسول الله، إن بيوتنا عورة، وخارجة عن المدينة، فأذن لنا نرجع إلى ديارنا، وهم أيضا بنو سلمة بالفشل، ثم ثبت الله كلنا الطائفتين، ورحم القبيلتين، وظل المشركون محاصرين المسلمين نحو شهر، ولم تقع بينهم حرب.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عيينة بن حصن بن حذيفة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهما رئيسا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة، ثم جرت المراوضة والمراودة والمساومة في ذلك. لكن الأمر لم يتم، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ، وسعد بن عبادة فقالا: يا رسول الله، أشيء أمرك الله به، فلا بد لنا منه؟ أم شيء تحبه فنصنعه، أم شيء تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم، وقال: والله ما أصنع ذلك إلا انني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة.
فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنا وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطيقون أن تأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا، فحين أكرمنا الله تعالى بالإسلام وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ والله، لا نعطيهم إلا السيف. فصوّب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه، وتمادوا على حالهم.
ثم إن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبدود أخو بني عامر بن لؤي، وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب أخو بني محارب بن فهر، خرجوا على خيلهم، فلما وقفوا على الخندق قالوا: هذه مكيدة،