للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ثبت في الحديث الصحيح عن أنس- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة، فذكر منها عمرة الحديبية» «١» .

كان معه صلى الله عليه وسلم ألف وخمسمائة على أكثر الأقوال وقيل كانوا ألفا وثلاثمائة، وقيل غير ذلك والصواب هو ألف وخمسمائة وغير ذلك وهم لا دليل عليه.

ولما شعر القرشيون بذلك استنفروا وأجمعوا أمرهم لصد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام قد خرج بمن معه من الأنصار والمهاجرين، ومن اتبعه من العرب، وساق الهدى، وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة؛ ليعلم أنه لم يخرج لحرب.

تقدم المشركين خالد بن الوليد في خيل إلى كراع الغميم، فورد خبر ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعسفان، فسلك طريقا خرج منه في ظهورهم، وكان دليلهم فيه رجل من أسلم، وذلك ذات اليمين بين ظهري الحمض، في طريق أخرجه على ثنية المرار وهي مهبط الحديبية من أسفل مكة، فلما نما ذلك إلى علم القرشيين بقيادة خالد بن الوليد؛ كرّوا.

فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك المكان من الحديبية بركت الناقة، فقال الناس:

خلأت- أي حرنت- فقال صلى الله عليه وسلم: ما خلأت- وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها.

ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك، فقيل له: يا رسول الله، ليس بالوادي ماء، فأخرج سهما من كنانته، فغرزه في جوفه، فجاش بالرواء «٢» حتى كفى جميع أهل الجيش، وقيل إن الذي نزل بالسهم في القليب ناجية بن جندب بن عمير ابن يعمر


(١) - حديث صحيح متفق عليه أخرجه البخاري في الصحيح، ومسلم (١٢٥٣) ، وأبو داود والترمذي في جامعه الصحيح (٨١٥) والإمام أحمد في المسند (٣/ ١٣٤) .
(٢) - جاش بالرواء: فاض بالماء الكثير.

<<  <   >  >>