للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن دارم بن عمرو بن واثلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أقصى بن أبي حارثة، وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم «١» .

ثم سعى الفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الكفار من القرشيين، حتى أتاه سهيل بن عمرو، فقاضاه على أن ينصرف عامه ذلك، فإذا كان من قابل أتاه معتمرا، ثم دخل مكة وأصحابه بلا سلاح، حاشا السيوف في القرب فقط. فيقيم بها ثلاثا لا مزيد عليها، على أن يتم بينهما الصلح الموصول لمدة عشرة أعوام يخالط الناس بعضهم بعضا ويداخلون بعضهم البعض آمنين، ولكن هذا مشروط بأن من يأتي المسلمين من الكفار مسلما يرد إلى الكفار، أما الذي يرتد من المسلمين إلى الكفار فلا يرد، وكان هذا أمرا شاقا صعبا على المسلمين قبوله، وكان أمر الله مفعولا.

لقد كان صلح الحديبية أمرا لا مندوحة عنه، ولا مصرف ولا تحويل عن طريقه ليعيد المسلمون حساباتهم، ويرتبوا أوراقهم، وليعمدوا إلى تنسيق صفوفهم وأمورهم حتى يأتيهم أمر الله.

وقد جرى الصلح بين المسلمين، وأهل مكة على وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، وأن يأمن الناس بعضهم من بعض، وأن يرجع عنهم عامه ذلك، حتى إذا كان العام القادم المقبل قدمها، وخلّوا بينه وبين مكة، فأقام بها ثلاثا، وأن لا يدخلها إلا بسلاح الراكب، والسيوف في القرب، وأن من آتانا من أصحابك لا نرده عليك، ومن أتاك من أصحابنا رددته علينا، وأن بيننا وبينك عيبة مكفوفة «٢» . وأنه لا إسلال ولا إغلال «٣» ، فقالوا: يا رسول الله، نعطيهم «٤» هذا؟ فقال عليه الصلاة


(١) - وقيل: بل نزل به البراء بن عازب. البدن: الناقة.
(٢) - العيبة: التي يودعها المرء حر متاعه، ومصون ثيابه، والمقصود بالعيبة المكفوفة: الصدور السليمة، والنيات الصادقة في الإلتزام بالإتفاقية كعهد وميثاق.
(٣) - لا إسلال ولا إغلال: الإسلال السرقة، والإغلال من الغلول أي الخيانة.
(٤) - كره سهيل بن عمرو أن يكتب صدر الصحيفة «محمد رسول الله» وأبى علي بن أبي طالب كاتب الصحيفة أن يمحو «رسول الله صلى الله عليه وسلم» بيده، فمحا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصفة بيده وأمره أن يكتب «محمد بن عبد الله» .

<<  <   >  >>