[نبي يرى ما لا ترون]
(الأعشى يمدح النبي محمدا صلّى الله عليه وسلّم)
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وعادك ما عاد السليم المسهّدا
أجدّت برجليها نجاء وراجعت ... يداها خنافا لينا غير أحردا
فآليت لا أرثي لها من كلالة، ... ولا من حفى حتى تزور محمّدا
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم ... تريحي وتلقي من فواضله يدا
نبي يرى ما لا ترون، وذكره ... أغار، لعمري، في البلاد وأنجدا
له صدقات ما تغيب، ونائل ... وليس عطاء اليوم مانعه غدا
أجدّك لم تسمع وصاة محمد، ... نبي الإله، حين أوصى وأشهدا
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى، ... ولاقيت بعد الموت من قد تزوّدا
ندمت على أن لا تكون كمثله، ... وأنك لم ترصد لما كان أرصدا
فإيّاك والميتات، لا تأكلنّها، ... ولا تأخذن سهما حديدا لتفصدا
وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه ... ولا تعبد الأوثان، والله فاعبدا
وصلّ على حين العشيات والضحى، ... ولا تحمد الشيطان، والله فاحمدا
ولا السائل المحروم لا تتركنّه ... لعاقبة، ولا الأسير المقيّدا
ولا تسخرن من بائس ذي ضرارة ... ولا تحسبنّ المرء يوما مخلّدا
ولا تقربنّ جارة، إنّ سرّها ... عليك حرام، فأنكحنّ، أو تأبّدا