- تقديم- آفة الشعر عند ما يكون مدحا لغير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
كثيرون هم الذين مدحوا قديما على ألسنة الشعراء، من ملوك وخلفاء وأمراء وحكام. حتى غدا المدح موضوعا من أبرز موضوعات الشعر وأهمّ غرض من أغراضه.
غير أن فن المديح في الشعر، ظل ملازما لآفتين اثنتين، لم ينفكّ الشعر بسببهما عن اضطراب وضعف.
أولى الآفتين: الفجوة التي لا بدّ أن تظل قائمة تفصل بين طبيعة الشعر بحد ذاته، وواقع الممدوح أيا كان شأنه.. ذلك لأن طبيعة الشعر هي الغلوّ والافراط في كل ما يصفه ويعبّر عنه، وواقع الممدوح هو الاصطباغ بالنقص والضعف والأخطاء أيا كان، بحكم كونه إنسانا لا تنفك عنه سمة النقص والضعف. والشأن في ذلك أن يضعف من جدّية الشعر وتأثيره على النفس، ويفرغه من أكثر المضمون الذي يجمّله ويحببه.
الآفة الثانية: أنّ الدافع للشعراء إلى المديح، يتمثل في عوامل من الأطماع والآمال الخارجية أكثر من أن يتمثل في مشاعر صادقة من المحبة الداخلية. وإذا فرغ الشعر من صدق الشعور عاد صنعة كلامية وزخرفا لفظي. واقتصر طريقه إلى النفوس من هذه الزاوية وحدها
غير أن هاتين الآفتين لا يبدو لهما أي وجود، في الشعر الذي مدح به محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أيا كان الشاعر، وأيا كان واقعه وشأنه.
ذلك لأن الشعر الذي يمدح به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يتحرك ويعلو في ساحة الوصف والبيان كما يشاء، دون أي غلوّ أو تكلف. ومهما أوغل الشاعر في الوصف وسما في المديح والاطراء، لا يحسّ أنه اصطدم بحدود، أو تجاوز الحقيقة إلى الخيال، أو بالغ في الثناء.
إن الشعر يغدو، إذ يمدح به رسول الله، كالثوب الذي يأتي على قدر لابسه.
لا تجد في شيء من ذيوله أو أطرافه أي زيادة أو فضول.