للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[م٦ باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله]

ش: أي تفسير هاتين الكلمتين، والعطف لتغاير اللفظين، وإلا فالمعنى واحد. ولما ذكر المصنف في الأبواب السابقة التوحيد وفضائله، والدعوة إليه، والخوف من ضده الذي هو الشرك، فكأن النفوس اشتاقت إلى معرفة هذا الأمر الذي خلقت له الخليقة، والذي بلغ من شأنه عند الله أن من لقيه به غفر له، ـ وإن لقيه بملء الأرض خطايا ـ; بين رحمه الله في هذا الباب أنه ليس اسمًا لا معنى له، أو قولاً لا حقيقة له، كما يظنه الجاهلون الذين يظنون أن غاية التحقيق فيه هو النطق بكلمة الشهادة من غير اعتقاد القلب بشيء من المعاني، والحاذق منهم يظن أن معنى الإله هو الخالق المتفرد بالملك، فتكون غاية معرفته هو الإقرار بتوحيد الربوبية، وهذا ليس هو المراد بالتوحيد، ولا هو أيضًا معنى " لا إله إلا الله " وإن كان لا بد منه في التوحيد بل التوحيد اسم لمعنى عظيم، وقول له معنى جليل هو أجل من جميع المعاني.

وحاصله هو البراءة من عبادة كل ما سوى الله، والإقبال بالقلب والعبادة على الله، وذلك هو معنى الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله، وهو معنى " لا إله إلا الله" كما قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ١. وقال تعالى حكاية عن مؤمن يس: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ٢. وقال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ


١ سورة البقرة آية: ١٦٣.
٢ سورة يس آية: ٢٢-٢٤.

<<  <   >  >>