للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤٧- باب قول اللهم اغفر لي إن شئت]

ش: لما كان العبد لا غناء له عن رحمة الله ومغفرته طرفة عين، بل فقير بالذات إلى الغني بالذات كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ١. نهي عن قول ذلك، لما فيه من إيهام الاستغناء عن مغفرة الله ورحمته كما سيأتي، وذلك مضاد للتوحيد.

في"الصحيح"عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له" ٢. ولمسلم. "وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه" ٣.

ش: قوله:"في"الصحيح""، أي:"الصحيحين".

قوله:"اللهم اغفر لي إن شئت". قال القرطبي: إنما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القول، لأنه يدل على فتور الرغبة، وقلة الاهتمام بالمطلوب. وكأن هذا القول يتضمن أن هذا المطلوب إن حصل وإلا استغنى عنه، ومن كان هذا حاله لم يتحقق من حاله الافتقار والاضطرار الذي هو روح عبادة الدعاء، وكان ذلك دليلاً على قلة معرفته بذنوبه، وبرحمة ربه. وأيضًا فإنه لا يكون موقنًا بالإجابة. وقد قال عليه السلام: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافلٍ لاهٍ" ٤.

قوله:"ليعزم المسألة". قال القرطبي أي: ليجزم في طلبته،


١ سورة فاطر آية: ١٥.
٢ البخاري: الدعوات (٦٣٣٩) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٩) , والترمذي: الدعوات (٣٤٩٧) , وأبو داود: الصلاة (١٤٨٣) , وأحمد (٢/٢٤٣ ,٢/٣١٨ ,٢/٤٦٣ ,٢/٤٨٦ ,٢/٥٠٠ ,٢/٥٣٠) , ومالك: النداء للصلاة (٤٩٤) .
٣ البخاري: الدعوات (٦٣٣٩) والتوحيد (٧٤٧٧) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٦٧٩) , والترمذي: الدعوات (٣٤٩٧) , وأبو داود: الصلاة (١٤٨٣) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٥٤) , وأحمد (٢/٢٤٣ ,٢/٣١٨ ,٢/٤٥٧ ,٢/٤٦٣ ,٢/٤٨٦ ,٢/٥٠٠ ,٢/٥٣٠) , ومالك: النداء للصلاة (٤٩٤) .
٤ الترمذي: الدعوات (٣٤٧٩) .

<<  <   >  >>