للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[م٣- باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب]

أي: ولا عذاب. وتحقيق التوحيد: هو معرفته، والاطلاع على حقيقته، والقيام بها علمًا وعملاً، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح إلى الله محبة وخوفًا، وإنابة وتوكلاً، ودعاء وإخلاصًا وإجلالاً وهيبة، وتعظيمًا وعبادة. وبالجملة فلا يكون في قلبه شيء لغير الله، ولا إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما أمر الله؟ وذلك هو حقيقة لا إله إلا الله، فإن الإله هو المألوه المعبود.

وما أحسن ما قال ابن القيم:

فلِواحِدٍ كن واحدًا في واحد ... أعني سبيل الحق والإيمان

وذلك هو حقيقة الشهادتين، فمن قام بهما على هذا الوجه فهو من السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.

قوله: وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ١. مناسبة الآية للترجمة من جهة أن الله تعالى وصف إبراهيم عليه السلام في هذه الآية بهذه الصفات الجليلة التي هي أعلى درجات تحقيق التوحيد، ترغيبًا في اتباعه في التوحيد، وتحقيق العبودية فاتباع الأوامر، وترك النواهي، فمن اتبعه في ذلك، فإنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب كما يدخلها إبراهيم عليه السلام.

الأولى: أنه {كَانَ أُمَّةً} ، أي: قدوة وإمامًا معلمًا للخير، وإمامًا يقتدى به. روي معناه عن ابن مسعود. وما كان كذلك إلا لتكميله مقام الصبر واليقين اللذين بهما تنال الإمامة في الدين.


١ سورة النحل آية: ١٢٠.

<<  <   >  >>