المراد هنا ذكر ما يجوز من التنجيم وما لا يجوز وما ورد فيه من الوعيد. قال شيخ الإسلام: التنجيم هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية. وقال الخطابي: علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع وستقع في مستقبل الزمان، كأوقات هبوب الرياح، ومجيء المطر، وظهور الحر والبرد، وتغير الأسعار، وما كان في معناها من الأمور التي يزعمون أنهم يدركون معرفتها بمسير الكواكب في مجاريها واجتماعها وافتراقها، ويدعون أن لها تأثيرًا في السفليات، وأنها تجري على قضايا موجباتها، وهذا منهم تحكم على الغيب، وتعاطٍ لعلم قد استأثر الله به لا يعلم الغيب سواه.
قلت: واعلم أن التنجيم على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما هو كفر بإجماع المسلمين، وهو القول بأن الموجودات في العالم السفلي مركبة على تأثير الكواكب والروحانيات، وأن الكواكب فاعلة مختارة وهذا كفر بإجماع المسلمين، وهذا قول الصابئة المنجمين الذين بعث إليهم إبراهيم الخليل عليه السلام، [كما في الأنعام ٧٥-٧٩] ولهذا كانوا يعظمون الشمس والقمر والكواكب تعظيمًا يسجدون لها ويتذللون لها ويسبحونها تسابيح معروفة في كتبهم، ويدعونها دعوات لا تنبغي إلا لخالقها وفاطرها وحده لا شريك له، ويبنون لكل كوكب هيكلاً، أي: موضعًا لعبادته ويصورون فيه ذلك الكوكب، ويتخذونه لعبادته