للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٨- باب ما جاء في السحر]

ش: السحر في اللغة: عبارة عما خفي ولطف سببه، ولهذا جاء في الحديث: "إن من البيان لسحرا". وسمي السحور سحورًا، لأنه يقع خفيًا آخر الليل. وقال تعالى: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} ١، أي أخفوا عنهم علمهم. ولما كان السحر من أنواع الشرك إذ لا يأتي السحر بدونه، ولهذا جاء في الحديث: "ومن سحر فقد أشرك" ٢. أدخله "المصنف" في كتاب "التوحيد" ليبين ذلك تحذيرًا منه كما ذكر غيره من أنواع الشرك.

قال أبو محمد المقدسي في "الكافي": السحر: عزائم ورقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل، ويفرق ... المرء وزوجته، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه. قال الله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} ٣، وقال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى قوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} ٤. يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن في عقدهن، ولولا أن للسحر حقيقة لم يأمر بالاستعاذة منه.

وروت عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وأنه قال لها ذات يوم: أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي. فقال: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب. قال: من طبه؟ قال: لبيد بن أعصم في مشط ومشاطة في جف طلعة ذكر في بئر ذي أروان" ٥. رواه البخاري. انتهى.

وقد زعم قوم من المعتزلة وغيرهم أن السحر تخييل لا حقيقة له، وهذا ليس بصحيح على إطلاقه، بل منه ما هو تخييل، ومنه ما له حقيقة كما يفهم مما تقدم.


١ سورة الأعراف آية: ١١٦.
٢ النسائي: تحريم الدم (٤٠٧٩) .
٣ سورة الفلق آية: ١.
٤ سورة الفلق آية: ٤.
٥ البخاري: الدعوات (٦٣٩١) , ومسلم: السلام (٢١٨٩) , وابن ماجه: الطب (٣٥٤٥) , وأحمد (٦/٥٧ ,٦/٦٣ ,٦/٩٦) .

<<  <   >  >>