للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (تبارك وتعالى) . قال ابن القيم: البركة نوعان: أحدهما بركة وهي فعله تبارك وتعالى، والفعل منها بارك، ويتعدى بنفسه تارة وبأداة "على" تارة، وبأداة "في" تارة والمفعول منها مبارك، وهو ما جعل كذلك فكان مباركا بجعله تعالى.

والنوع الثاني: بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها تبارك، ولهذا لا يقال لغيره ذلك ولا يصلح إلا له عزّ وجل، فهو سبحانه المتبارك وعبده ورسوله المبارك. كما قال المسيح عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ} ١. فمن بارك الله فيه وعليه فهو المبارك، وأما صفة تبارك، فمختصة به كما أطلقها على نفسه بقوله: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٢. {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ٣. أفلا تراها كيف اطّردت في القرآن جارية عليه مختصة به لا تطلق على غيره، وجاءت على بناء السعة والمبالغة، كتعالى وتعاظم ونحوه، فجاءت تبارك على بناء تعالى الذي هو دال على كمال العلو ونهايته، فكذلك تبارك، دال على كمال بركته وعظمته وسعتها.

وهذا معنى قول من قال من السلف تبارك: تعاظم. وقال ابن عباس: جاء بكل بركة واعلم أن هذا الحديث بجملته مما عد من الأدلة على الشهادتين فإن كل جملة منه وقعت كما أخبر بها صلى الله عليه وسلم.


١ سورة مريم آية: ٣١.
٢ سورة غافر آية: ٦٤.
٣ سورة الملك آية: ١.

<<  <   >  >>