قوله:"انزعها"؛ فإنها لا تزيدك إلا وهنا. لفظ الحديث:"انبذها" وهو أبلغ، أي: اطرحها. والنّزع هو الجذب بقوة، والنبذ يتضمن ذلك وزيادة وهو الطرح والإبعاد، أمره بطرحها عنه وأخبر أنها لا تنفعه بل تضره، فلا تزيده إلا وهنًا، أي: ضعفًا. وكذلك كل أمر نهي عنه فإنه لا ينفع غالبًا أصلاً، وإن نفع بعضه، فضره أكبر من نفعه، وفيه النهي عن تعليق الحلق والخرز ونحوهما على المريض أو غيره، والتنبيه على النهي عن التداوي بالحرام. وروى أبو داود بإسناد حسن، والبيهقي عن أبي الدرداء مرفوعًا في حديث:"تداوَوا ولا تداوَوا بحرام" ١.
فإن قيل كيف قال صلى الله عليه وسلم:"لا تزيدك إلا وهنًا" وهي ليس لها تأثير؟ وقيل: هذا - والله أعلم - يكون عقوبة له على شركه لأنه وضعها لدفع الواهنة، فعوقب بنقيض مقصوده.
قوله:"فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا،"، أي:- لأنه مشرك والحالة هذه، والفلاح هو الفوز والظفر والسعادة.
قال المصنف: فيه شاهد لكلام الصحابة أن الشرك الأصغر أكبر الكبائر، وأنه لم يعذر بالجهالة، والإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك.
قلت: وفيه أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح أبدًا، ففيه رد على المغرورين الذين يفتخرون بكونهم من ذرية الصالحين، أو من أصحابهم، ويظنون أنهم يشفعون لهم عند الله، وإن فعلوا المعاصي وفيه أن رتب الإنكار متفاوتة فإذا كفى الكلام في إزالة المنكر لم يحتج إلى ضرب ونحوه. وفيه أن المسلم إذا فعل ذنبًا وأنكر عليه فتاب منه فإن ذلك لا ينقصه، وأنه ليس من شرط أولياء الله عدم الذنوب.
قوله: رواه أحمد بسند لا بأس به. هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الله المروزي، ثم البغدادي; إمام أهل عصره وأعلمهم بالفقه والحديث، وأشدهم ورعًا