للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا. و"قلادة" مرفوع على أنه فاعل و"الوتر" بفتحتين واحد أوتار القوس.

قوله: "أو قلادة إلا قطعت" هو برفع "قلادة" أيضًا، عطف على الأول، ومعناه أن الراوي شك، هل قال شيخه قلادة من وتر؟ فقيد القلادة بأنها من وتر، أو قال: قلادة وأطلق ولم يقيد. ويؤيده ما روي عن مالك أنه سئل عن القلادة فقال: ما سمعت بكراهتها إلا في الوتر. وفي رواية أبي داود: "ولا قلادة"، بغير شك، والأولى أصح، لاتفاق الشيخين عليها، وللرخصة في القلائد، إلا الأوتار ولما روى أبو داود والنسائي من حديث أبي وهب الجشمي مرفوعًا: "ارتبطوا الخيل وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار" ولأحمد عن جابر مرفوعًا مثله وإسناده جيد.

قال البغوي في "شرح السنة١ ": تأول مالك أمره عليه السلام بقطع القلائد على أنه من أجل العين، وذلك أنهم كانوا يشدون بتلك الأوتار والتمائم والقلائد، ويعلقون عليها العوذ، يظنون أنها تعصم من الآفات، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وأعلمهم أنها لا ترد من أمر الله شيئًا. وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: كانوا يقلدون الإبل الأوتار لئلا نصيبها العين، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإزالتها إعلامًا لهم بأن الأوتار لا ترد شيئًا، وكذلك قال ابن الجوزي وغيره.

قال الحافظ: ويؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له" ٢. رواه أبو داود، وهي ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك انتهى.

فعلى هذا، يكون تقليد الإبل وغيرها الأوتار وما في معناها لهذا المعنى حرامًا، بل شركًا، لأنه


١ ذكر ذلك في كتاب الجهاد باب قطع القلائد والأوتار ١١/ ٢٧. وشرح السنة من أعظم الكتب في بابه, وقد شرفنا الله بخدمته وطبعه في ١٦ مجلدا مع الفهارس المسهلة, ولله الحمد والمنة.
٢ أحمد (٤/١٥٤) .

<<  <   >  >>