للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرها، كما في "صحيح مسلم": "عن عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى، ما لم يكن فيه شرك" ١. وفيه "عن أنس قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين والحمة والنملة" ٢. "وعن عمران بن حصين مرفوعًا "لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم" ٣. رواه أبو داود وفي الباب أحاديث كثيرة.

قال الخطابي: وكان عليه السلام قد رقى ورقي، وأمر بها وأجازها، فإذا كانت بالقرآن أو بأسماء الله تعالى، فهي مباحة أو مأمور بها، وإنما جاءت الكراهية والمنع فيما كان منها بغير لسان العرب، فإنه ربما كان كفرًا، أو قولاً يدخله الشرك، قال: ويحتمل أن يكون الذي يكره من ذلك ماكان على مذاهب الجاهلية التي يتعاطونها، وأنها تدفع عنهم الآفات، ويعتقدون ذلك من قبل الجن ومعونتهم.

قلت: ويدل على ذلك: "قول علي بن أبي طالب: إن كثيرًا من هذه الرقى والتمائم شرك، فاجتنبوه". رواه وكيع، فهذا يبين معنى حديث ابن مسعود ونحوه.

وقال [عبد الواحد] بن التين: الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب الروحانِي، فإذا كان على لسان الأبرار من الخلق، حصل الشفاء بإذن الله تعالى، فلما عفي عن هذا النوع، فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقى المنهي عنها التي يستعملها المعزم وغيره ممن يدعي تسخير الجن له، فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر الله تعالى وأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم.

ويقال: إن الحية لعداوتها الإنسان بالطبع تصادق الشياطين لكونهم أعداء بني آدم، فإذا عزم على الحية


١ مسلم: السلام (٢٢٠٠) , وأبو داود: الطب (٣٨٨٦) .
٢ مسلم: السلام (٢١٩٦) , وابن ماجه: الطب (٣٥١٦) , وأحمد (٣/١١٨ ,٣/١١٩ ,٣/١٢٧) .
٣ مسلم: الإيمان (٢٢٠) , وأحمد (١/٢٧١) .

<<  <   >  >>