للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك في "الصحيح" قصة حنين الجذع الذي كان يخطب عليه النبي صلى الله عليه وسلم قبل اتخاذ المنبر، ومثل هذا كثير.

قوله:"صعقوا وخروا لله سجدا"،أي: يقع منهم الأمران: الصعق - وهو الغشي- والسجود، والله أعلم أيهما قبل الآخر، فإن الواو لا تقتضي ترتيبًا.

قوله:"فيكون أول مَنْ يرفع رأسه جبريل"معنى جبريل: عبد الله كما روى ابن جرير، وأبو الشيخ الأصبهاني عن على بن حسين قال: اسم جبريل عبد الله، واسم ميكائيل عبيد الله، وإسرافيل عبد الرحمن، وكل شيء راجع إلى إيل فهو معبد لله عز وجل.

وفيه دليل على فضيلة جبريل عليه السلام، كما قال تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} ، [التكوير: ١٩-٢١] . قال أبو صالح [باذم] في قوله: {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} . قال: جبريل يدخل في سبعين حجابًا من نور بغير إذن.

وقد ورد في صفة جبريل أحاديث صحيحة، منها: ما رواه أحمد بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته، وله ستمائة جناح، كل جناح منها قد سد الأفق، يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم" ١.

قوله: "ثم يمر جبريل على الملائكة ... " إلى آخره. معناه ظاهر، فإذا كان هذا حال الملائكة الذين هم أقوى وأعظم مِمَّن عُبِدَ من دون الله، وشدة خشيتهم من الله، وهيبتم له مع ما أعطاهم الله من القوة العظيمة التي لا يعلمها إلا الله، ومع هذا فقد نفى عنهم الشفاعة بغير إذنه كما قال: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} ٢. وأخبر أنهم لا يملكون كشف الضر عمن دعاهم ولا تحويله. فقال: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} ٣. وفي ضمن ذلك النهي عن دعائهم وعبادتهم الشفاعة وغيرها، كما قال


١ مسلم: الإيمان (١٧٤) , والترمذي: تفسير القرآن (٣٢٧٧) , وأحمد (١/٣٩٥) .
٢ سورة النجم آية: ٢٦.
٣ سورة الإسراء آية: ٥٦.

<<  <   >  >>