وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء الكبار، الحفاظ العباد، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل. وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين، وأبوه المسيب صحابي، بقي إلى خلافة عثمان رضي الله عنه وكذلك جده حزن صحابي، استشهد باليمامة.
قوله:(لما حضرت أبا طالب الوفاة) ، أي: حضرت علامات الوفاة وإلا فلو كان انتهى إلى المعاينة لم ينفعه الإيمان لو آمن. ويدل على ذلك ما وقع من المراجعة بينه وبينهم، ويحتمل أن يكون انتهى إلى تلك الحالة، لكن رجا النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أقر بالتوحيد ولو في تلك الحالة أن ذلك ينفعه بخصوصه، ويسوغ فيه شفاعته صلى الله عليه وسلم ولهذا قال: أجادل لك بها، وأشهد لك بها، وأحاج لك بها. ويدل على الخصوصية أنه بعد أن امتنع من الإقرار بالتوحيد، ومات على الامتناع منه لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة له، بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة إلى غيره. وكان ذلك من الخصائص في حقه.
قوله:(جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، يحتمل أن يكون المسيب حضر هذه القصة، فإن المذكورين من بني مخزوم وهو أيضًا مخزومي، وكانوا يومئذ كفارًا فمات أبو جهل على كفره، وأسلم الآخران. وقول بعض الشراح: إن هذا الحديث من مراسيل الصحابة مردود، وفي هذا جواز عيادة المشرك إذا رجي إسلامه. وجواز حمل العلم إذا كان فيه مصلحة راجحة على عدمه.
قوله:(يا عم) . منادى مضاف يجوز فيه إثبات الياء وحذفها.
قوله:(قل لا إله إلا الله) ، أي: قل هذه الكلمة، عارفًا لمعناها، معتقدًا له في هذه الحال وإن لم تعمل به، إذ لا يمكن عند الموت إلا ذلك، ولا بد مع ذلك من شهادة أن محمدًا رسول الله.