للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا مهران عن سفيان عن موسى عن محمد بن قيس: أن يغوث ويعوق ونسرا كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كانوا أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون، دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم. قال سفيان عن أبيه عن عكرمة قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، وروى ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أنهم كانوا أولاد آدم لصلبه، وكان ود أكبرهم وأبرهم به، هكذا رواه عمر بن شبه في "أخبار مكة" من طريق محمد بن كعب القرظي، وذكر السهيلي في "التعريف": أن يغوث بن شيث بن آدم فيما قيل، وكذا سواع وما بعده. فكانوا يتبركون بدعائهم، وكلما مات منهم أحد مثلوا صورته وتمسحوا بها إلى زمن مهلاييل، فعبدوها بتدريج الشيطان لهم، ثم صارت سنة في العرب في الجاهلية.

ولا أدري من أين سرت تلك الأسماء أمن قبل الهند؟ فقد قيل: إنهم كانوا المبدأ في عبادة الأصنام بعد نوح عليه السلام، أم الشيطان ألهم العرب ذلك. انتهى وقد روى الفاكهي عن ابن الكلبي قال: كان لعمرو بن ربيعة رئي١ من الجن فأتاه فقال: أجب أبا ثمامة وادخل بلا ملامة، ثم ائت سيف٢ جدة، تجد بها أصناما معدة، ثم أوردها تهامة ولا تهب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تُجَبْ. قال فأتى عمرو ساحل جدة فوجد بها ودًا وسواعًا ويغوث ويعوق ونسرًا، وهي الأصنام التي عبدت على عهد نوح وإدريس، ثم إن الطوفان طرحها هناك فسفا عليها


١ هو: الْجِنِّيّ يعرض للإنسان ويُطْلبه على ما يزعم من الغيب، أو يُلْهِمه الشِّعر.
٢ أي: ساحل.

<<  <   >  >>