للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباد القبور لما بنوا القباب على القبور آل بهم إلى أن عبدت القباب ومن بنيت عليه من دون الله عزّ وجل.

ومنها: النذر للمدفون فيها، وفرض نصيب من المال والولد، وهذا هو الذي قال الله فيه: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا ... } ١. بل هذا أبلغ فإن المشركين ما كانوا يبيعون أولادهم لأوثانهم.

ومنها: أن المدفون فيها أعظم في قلوب عباد القبور من الله وأخوف، ولهذا لو طلبت من أحدهم اليمين بالله تعالى أعطاك ما شئت من الأيمان كاذبًا أو صادقًا، وإذا طلبت بصاحب التربة لم يقدم إن كان كاذبًا. ولا ريب أن عباد الأوثان ما بلغ شركهم إلى هذا الحد، بل كانوا إذا أرادوا تغليظ اليمين، غلظوها بالله كما في قصة القسامة وغيرها.

ومنها: سؤال الميت قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والإخلاص له من دون الله في أكثر الحالات.

ومنها: التضرع عند مصارع الأموات والبكاء بالهيبة والخشوع لمن فيها أعظم مما يفعلونه مع الله في المساجد والصلوات.

ومنها: تفضيلها على خير البقاع وأحبها إلى الله وهي المساجد، فيعتقدون أن العبادة والعكوف فيها أفضل من العبادة والعكوف في المساجد، وهذا أمر ما بلغ إليه شرك الأولين، فإنهم يعظمون المسجد الحرام أعظم من بيوت الأصنام يرون فضله عليها، وهؤلاء يرون العكوف في المشاهد أفضل من العكوف في المساجد.

ومنها: أن الذي شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور إنما هو تذكرة الآخرة، كما قال: "زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" ٢. والإحسان إلى المزور بالترحم عليه، والدعاء له


١ سورة الأنعام آية: ١٣٦.
٢ ابن ماجه: ما جاء في الجنائز (١٥٦٩) .

<<  <   >  >>