للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (عن ثوبان) . هو ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم صحبه ولازمه ونزل بعده الشام، ومات بحمص سنة أربع وخمسين.

قوله: (زوى لي الأرض) . قال التوربشتي: زويت الشيء جمعته وقبضته، يريد به تقريب البعيد منها حتى اطلع عليه اطلاعه على القريب. وحاصله أن الله طوى له الأرض وجعلها مجموعة كهيئة كف في مرآة نظره.

وقال القرطبي: "أي جمعها لي حتى أبصرت ما تملك أمتي من أقصى المشارق والمغارب منها، وظاهر هذا اللفظ يقتضي أن الله تعالى قوى إدراك بصره، ورفع عنه الموانع المعتادة فأدرك البعيد من موضعه كما أدرك بيت المقدس من مكة، وأخذ يخبرهم عن آياته وهو ينظر إليه. وكما قال: "إني لأبصر قصر المدائن الأبيض ". ويحتمل أن يكون مثلها الله له، والأول أولى".

قوله: (وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها) . قال القرطبي: "هذا الخبر وجد مخبره كما قاله، فكان ذلك من دلائل نبوته، وذلك أن ملك أمته اتسع إلى أن بلغ أقصى بحر طنجة، بالنون والجيم الذي هو منتهى عمارة المغرب وإلى أقصى المشرق، ما وراء خراسان والنهر وكثير من بلاد الهند والسند والصغد. ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال، ولذلك لم يذكر عليه السلام أنه أريه ولا أخبر أن ملك أمته يبلغه".

وقوله: (زوى) ، يحتمل أن يكون مبنيًّا للفاعل، وأن يكون مبنيًّا للمفعول والأول أظهر.

قوله: (وأعطيت الكنْزين: الأحمر والأبيض) ، قال القرطبي: يعني بهما كنز كسرى وهو ملك الفرس، وكنْز قيصر وهو ملك الروم، وقصورهما وبلادهما. وقد دل على ذلك قوله عليه السلام حين أخبر عن هلاكهما: "والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله" وعبر بالأحمر عن كنْز قيصر، لأن الغالب عندهم كان الذهب، وبالأبيض عن كنْز كسرى لأن الغالب عندهم كان الجوهر والفضة. وقد ظهر ذلك ووجد كذلك في زمان الفتوح في

<<  <   >  >>