للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين" ١ والمعنى: أنهم ينْزلون معهم في ديارهم، ويصيرون منهم بالردة ونحوها.

[لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من الناس الأوثان]

قوله: (وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان) . الفئام - مهموز - الجماعات الكثيرة، قاله أبو السعادات، وفي رواية أبي داود: (وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان) ، ومعناه ظاهر.

وهذا هو شاهد الترجمة، ففيه الرد على من قال بخلافه من عباد القبور الذين ينكرون وقوع الشرك، وعبادة الأوثان في هذه الأمة. وفي معنى هذا ما في "الصحيحين" عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة" ٢. قال: وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية. وروى ابن حبان عن معمر قال: إن عليه الآن بيتًا مبنيًّا مغلقًا.

وفي "صحيح مسلم" عن عائشة مرفوعًا: "لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى" ٣ وقيل: إن القبر المنسوب إلى ابن عباس بالطائف إنه قبر اللات، وكانوا يعبدونه، ويطوفون به ويقربون إليه القرابين وينذرون له النذور ويسألونه قضاء حاجتهم وتفريج كربتهم.

إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون في هذه الأمة دجالون كذابون

قوله: (وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون) ، كلهم يزعم أنه نبي. قال القرطبي: وقد جاء عددهم معينًا في حديث حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في أمتي كذابون دجالون سبع وعشرون، منهم أربع نسوة". أخرجه أبو نعيم. وقال: هذا حديث غريب تفرد به معاوية بن هشام.

قلت: حديث ثوبان أصح من هذا.

قال القاضي عياض: عُدَّ من تنبأ من زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الآن ممن اشتهر بذلك، وعرف واتبعه جماعة على ضلالته، فوجد هذا العدد فيهم، ومن طالع كتب الأخبار والتواريخ عرف صحة هذا.

وقال الحافظ: قد ظهر مصداق ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج مسيلمة الكذاب باليمامة، والأسود العنسي باليمن، ثم خرج في خلافة


١ الترمذي: الفتن (٢٢١٩) , وأبو داود: الفتن والملاحم (٤٢٥٢) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٥٢) , وأحمد (٥/٢٧٨) .
٢ البخاري: الفتن (٧١١٦) , ومسلم: الفتن وأشراط الساعة (٢٩٠٦) , وأحمد (٢/٢٧١) .
٣ مسلم: الفتن وأشراط الساعة (٢٩٠٧) .

<<  <   >  >>