للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به حتى ينظر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونهيه.

ومثل هذه الأمور قد يكون صاحبها وليًّا لله، وقد يكون عدوًّا له، فإنها قد تكون لكثير من الكفار والمشركين واليهود والنصارى والمنافقين وأهل البدع، وتكون لهؤلاء من قِبَل الشياطين أو تكون استدراجًا، فلا يجوز أن يظن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور فهو ولي لله، بل يعرف أولياء الله بصفاتهم وأحوالهم وأفعالهم التي دل عليها الكتاب والسنة، وأكثر هذه الأمور قد توجد في أشخاص يكون أحدهم لا يتوضأ ولا يصلي المكتوبة ولا يتنظف ولا يتطهر الطهارة الشرعية، بل يكون ملابسًا للنجاسات، معاشرًا للكلاب، يأوي إلى المزابل، رائحته خبيثة، ركابًا للفواحش، يمشي في الأسواق كاشفًا لعورته، غامزًا للشرع، مستهزئًا به وبحملته، يأكل العقارب والخبائث التي تحبها الشياطين، كافرًا بالله، ساجدًا لغير الله من القبور وغيرها، يكره سماع القرآن وينفر منه، ويؤثر سماع الأغاني والأشعار ومزامير الشيطان على كلام الرحمن. فلو جرى على يدي شخص من الخوارق ماذا عساه أن يجري فلا يكون وليًّا لله، محبوبًا عنده حتى يكون متبعًا لرسوله صلى الله عليه وسلم باطنًا وظاهرًا.

فإن قلت: فعلى هذا ما الفرق بين الكرامة وبين الاستدراج والأحوال الشيطانية؟ قيل: إن علمت ما ذكرنا عرفت الفرق، لأنه إذا كان الشخص مخالفًا للشرع، فما يجري له من هذه الأمور ليس بكرامة، بل هي إما استدراج وإما من عمل الشياطين، ويكون سببها هو ارتكاب ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن المعاصي لا تكون سببا لكرامة الله، ولا يستعان بالكرامات عليها، فإذا كانت لا تحصل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والدعاء بل تحصل بما تحبه الشياطين كالاستغاثة بغير الله، أو كانت مما يستعان بها على ظلم الخلق وفعل الفواحش، فهي من الأحوال الشيطانية لا من الكرامات الرحمانية، وكلما كان الإنسان أبعد عن الكتاب والسنة كانت الخوارق الشيطانية

<<  <   >  >>