في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه، وأذلوه وأهانوه.
قلت: رحم الله سهلاً ما أصدق فراسته! فلقد كان ذلك وأعظم، وهو أن يكفر الإنسان بتجريد التوحيد والمتابعة، والأمر بإخلاص العباد لله، وترك عبادة ما سواه والأمر بطاعة رسول الله وتحكيمه في الدقيق والجليل.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولنذكر في الصراط المستقيم قولاً وجيزًا، فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه، وترجمتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته، وحقيقته شيء واحد وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلاً لهم إليه، ولا طريق إليه سواه، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلاً لعباده إليه، وهو إفراده بالعبودية وإفراد رسوله بالطاعة، فلا يشرك به أحد في عبوديته. ولا يشرك برسوله أحد في طاعته، فيجرد التوحيد، ويجرد متابعة الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهذا معنى قول بعض العارفين: إن السعادة كلها والفلاح كله مجموع في شيئين: صدق محبة، وحسن معاملة. وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فأي شيء فسر به الصراط المستقيم، فهو داخل في هذين الأصلين. ونكتة ذلك أن تحبه بقلبك كله، وترضيه بجهدك كله، فلا يكون في قلبك موضع إلا معمور بحبه، ولا يكون لك إرادة إلا متعلقة بمرضاته، فالأول يحصل بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، والثاني يحصل بتحقيق شهادة أن محمدًا رسول الله، وهذا هو الهدى ودين الحق، وهو معرفة الحق والعمل به، وهو معرفة ما بعث الله به رسوله والقيام به، فقل ما شئت من العبارات التي هذا آخيَّتُها وقطب رحاها.
[الأمر بعبادة الله وحده وعدم الإشراك به]
قال: وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} ١.