للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ١. قال "ابن عباس: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ٢. قال: الكتاب الذي في السماء"وفي رواية:" {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ٣، يعني: الملائكة وقال قتادة: لا يمسه عند الله إلا المطهرون". أما في الدنيا، فإنه يمسه المجوسي النجس والمنافق الرجس. قال: وهي في قراءة ابن مسعود: ما يمسه إلا المطهرون. واختار هذا القول كثيرون منهم: ابن القيم ورجحه. وقال ابن زيد: زعمت قريش أن هذا القرآن تنَزلت به الشياطين فأخبر الله تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون كما قال: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ... } ٤ إلى قوله: {لَمَعْزُولُون} . وقال ابن كثير: وهذا قول جيد وهو لا يخرج عن القول قبله.

وقال البخاري في "صحيحه" في هذه الآية: لا يجد طعمه إلا من آمن به. قال ابن القيم: وهذا من إشارة الآية وتنبيهها وهو أنه لا يلتذ به وبقراءته وفهمه وتدبره إلا من يشهد أنه كلام الله تكلم به حقًا، وأنزله على رسوله وحيًا، ولا ينال معانيه إلا من لم يكن في قلبه منه حرج بوجه من الوجوه.

وقال آخرون: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ، [الواقعة: ٧٩] ، أي: من الجنابة والحدث قالوا: ولفظ الآية خبر ومعناه الطلب. قالوا: والمراد بالقرآن هنا المصحف، كما في حديث ابن عمر مرفوعًا: "نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو" ٥. واحتجوا على ذلك بما رواه مالك في "الموطأ" عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر".

وقوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٦. قال ابن كثير: أي: هذا القرآن منَزل من الله رب العالمين، وليس كما يقولون: إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه وليس وراءه حق


١ سورة الواقعة آية: ٧٩.
٢ سورة الواقعة آية: ٧٩.
٣ سورة الواقعة آية: ٧٩.
٤ سورة الشعراء آية: ٢١٠.
٥ البخاري: الجهاد والسير (٢٩٩٠) , ومسلم: الإمارة (١٨٦٩) , وأبو داود: الجهاد (٢٦١٠) , وابن ماجه: الجهاد (٢٨٧٩ ,٢٨٨٠) , وأحمد (٢/٦ ,٢/٧ ,٢/١٠ ,٢/٦٣ ,٢/٧٦ ,٢/١٢٨) , ومالك: الجهاد (٩٧٩) .
٦ سورة الواقعة آية: ٨٠.

<<  <   >  >>