للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي تضمنه الأمر والنهي، وهي سر التأله، وتوحيدها هو شهادة أن لا إله إلا الله وليس كما زعم المنكرون، أن الإله هو الرب الخالق، فإن المشركين كانوا مقرين، بأنه لا رب إلا الله، ولا خالق سواه، ولم يكونوا مقرين بتوحيد الإلهية الذي هو حقيقة لا إله إلا الله، فإن الإله الذي تألهه القلوب حبًّا وذلاًّ وخوفًا ورجاء، وتعظيما وطاعة، إله بمعنى مألوه، أي: محبوب معبود، وأصله من التأله، وهو التعبد الذي هو آخر مراتب الحب، فالمحبة حقيقة العبودية، ودلت أيضًا على أن المشركين يعرفون الله ويحبونه، وإنما الذي أوجب كفرهم مساواتهم به الأنداد في المحبة، فكيف بمن أحب الأنداد أكثر من حب الله! فكيف بمن لم يحب الله أصلاً، ولم يحب إلا الند وحده فالله المستعان.

قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} ١.

نتكلم عليها لتعلقها بما قبلها تكميلاً للفائدة، وإن لم يذكرها المصنف، وفيها قولان: أحدهما وهو الصحيح أن المعنى: والذين آمنوا أشد حبًّا لله من محبة المشركين بالأنداد لله، فإن محبة المؤمنين خالصة، ومحبة أصحاب الأنداد قد ذهبت أندادهم بقسط منها، والمحبة الخالصة أشد من المشتركة.

والثاني: والذين آمنوا أشد حبًّا لله من حب أصحاب الأنداد لأندادهم التي يحبونها من دون الله. قال ابن القيم: والقولان مرتبان على القولين في قوله: يحبونهم كحب الله. وفي الآية دليل على أن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا، وأن الشرك محبط للأعمال.

[توعد من قدم شيئا على محبة الله ورسوله]

قال: وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ ... } ٢ إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ... } ٣.

هذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يتوعد من أحب أهله وعشيرته وأمواله ومساكنه، أو أحد هذه الأشياء على الله ورسوله،


١ سورة البقرة آية: ١٦٥.
٢ سورة التوبة آية: ٢٤.
٣ سورة التوبة آية: ٢٤.

<<  <   >  >>