للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهم يرجون رحمة الله مع الاجتهاد في الأعمال الصالحة فأما الرجاء مع الإصرار على المعاصي، فذاك من غرور الشيطان; إذا تبين ذلك، فقوله تعالى: ومن يقنط حكاية قول إبراهيم عليه السلام لما بشرته الملائكة بولده إسحاق عليه السلام، ف {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} ١. استبعادًا لوقوع هذا في العادة مع كبر السن منه ومن زوجته {قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ} أي: الذي لا ريب فيه ولا مثنوية، بل هو أمر الذي {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ٢. وإن بعد مثله في العادة التي أجراها فإن ذلك عليه يسير، إذا أراده، فلا تكن من القانطين، أي لا تيأس من رحمة الله، قال إبراهيم عليه السلام: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ} ٣. فأجابهم بأنه ليس بقانط، ولكن يرجو من الله الولد، وإن كان قد كبر، وأسنت امرأته، فإنه يعلم من قدرة الله ورحمته ما هو أبلغ من ذلك. قال السدي: {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ} ٤. قال: من ييأس من رحمة ربه. رواه ابن أبي حاتم {إِلاَّ الضَّالُّونَ} قال بعضهم: إلا المخطئون طريق الصواب، أو الكافرون، كقوله: {لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} ٥. وفي حديث مرفوع: "الفاجر الراجي لرحمة الله أقرب منها من العابد القانط" رواه الحكيم الترمذي والحاكم في "تاريخه".

قال: عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائرقال: "الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله".

ش: هذا الحديث رواه البزار وابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان متكئًا، فدخل عليه رجل، فقال: ما الكبائر؟ فقال: الشرك بالله" ٦. وذكر الحديث. ورجاله ثقات إلا شبيب بن بشر فقال ابن


١ سورة الحجر آية: ٥٤.
٢ سورة يس آية: ٨٢.
٣ سورة الحجر آية: ٥٦.
٤ سورة الحجر آية: ٥٦.
٥ سورة يوسف آية: ٨٧.
٦ أحمد (٦/٣٠٤) .

<<  <   >  >>