للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الرابع: أن يعمل بطاعة الله مخلصًا في ذلك لله وحده لا شريك له، لكنه على عمل يكفره كفرًا يخرجه عن الإسلام مثل اليهود والنصارى إذا عبدوا الله أو تصدقوا أو صاموا ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، ومثل كثير من هذه الأمة الذين فيهم كفر أو شرك أكبر يخرجهم من الإسلام بالكلية إذا أطاعوا الله طاعة خالصة، يريدون بها ثواب الله في الدار الآخرة، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام وتمنع قبول أعمالهم. فهذا النوع أيضًا قد ذكر في هذه الآية عن أنس بن مالك وغيره. وكان السلف يخافون منها، قال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة واحدة لتمنيت الموت، لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ١.

ثم قال: بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه الله طالبًا ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالاً قاصدًا بها الدنيا مثل أن يحج فرضه لله، ثم يحج بعده لأجل الدنيا، كما هو واقع، فهو لما غلب عليه منهما. وقد قال بعضهم: القرآن كثيرًا ما يذكر أهل الجنة الخلص، وأهل النار الخلص، ويسكت عن صاحب الشائبتين وهو هذا وأمثاله. انتهى. وقد أجاد وأفاد رحمه الله.

وفي الآية من الفوائد أن الشرك محبط للأعمال، وأن إرادة الدنيا وزينتها بالعمل كذلك، وأن الله يجازي الكافر بحسناته، وكذلك طالب الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة. الخامسة شدة الوعيد على ذلك. السادسة الفرق بين الحبوط والبطلان.

قال في: الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، وتعس عبد الدرهم، وتعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله


١ سورة المائدة آية: ٢٧.

<<  <   >  >>