للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمن والاهتداء بحسبه، ولهذا كان السلف يدخلون الذنوب في هذا الظلم بهذا الاعتبار. انتهى ملخصًا.

وبه تظهر مطابقة الآية للترجمة، فدلت على فضل التوحيد وتكفيره للذنوب، لأن من أتى به تامًا فله الأمن التام والاهتداء التام، ودخل الجنة بلا عذاب، ومَن أتى به ناقصًا بالذنوب التي لم يتب منها، فإن كانت صغائر كفرت باجتناب الكبائر، لآية (النّساء: ٣١) ، و (النّجم: ٣٢) وإن كانت كبائر فهو في حكم المشيئة، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، ومآله إلى الجنة، والله أعلم.

عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} ، والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " ١ أخرجاه.

عبادة هو ابن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي أبو الوليد، أحد النقباء بدري مشهور من جلة الصحابة، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين وله اثنتان وسبعون سنة. وقيل: عاش إلى خلافة معاوية.

قوله: "من شهد أن لا إله إلا الله "، أي: من تكلم بهذه الكلمة عارفًا لمعناها، عاملاً بمقتضاها باطنًا وظاهرًا، كما دل عليه قوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} ٢ وقوله: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ٣. أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها، فإن ذلك غير نافع بالإجماع.

وفي الحديث ما يدل على هذا، وهو قوله: " من شهد "، إذ كيف يشهد وهو لا يعلم، ومجرد النطق بشيء لا يسمى شهادة به. قال بعضهم: أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد، لأن معناه: الألوهية في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك غيره معه،


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٣٥) , ومسلم ٢٨، وأحمد (٥/٣١٣) .
٢ سورة محمد آية: ١٩.
٣ سورة الزخرف آية: ٨٦.

<<  <   >  >>