وقال مالك:"كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وكلام الأئمة مثل هذا كثير. فخالف المقلدون ذلك، وجمدوا على ما وجدوه في الكتب المذهبية، سواء كان صوابًا أم خطأ مع أن كثيرًا من هذه الأقوال المنسوبة إلى الأئمة ليست أقوالاً لهم منصوصًا عليها، وإنما هي تفريعات ووجوه واحتمالات وقياس على أقوالهم، ولسنا نقول: إن الأئمة على خطأ، بل هم إن شاء الله على هدى من ربهم، وقد قاموا بما أوجب الله عليهم من الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعته، ولكن العصمة منتفية عن غير الرسول، فهو الذي {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} ، [سورة النّجم، الآيتان: ٣-٤] . فما العذر في اتباعهم وترك اتباع الذي لا ينطق عن الهوى؟!
قوله:"لعله"، أي: لعل الإنسان الذي تصح عنده سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله:"إذا رد بعض قوله"، أي: قول النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله:"أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك". هذا تنبيه على أن رد قول الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لزيغ القلب الذي هو سبب الهلاك في الدنيا والآخرة، فإذا كانت إساءة الأدب معه في الخطاب سببًا لحبوط الأعمال كما قال تعالى:{لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} ١. فما ظنك برد أحكامه وسنته لقول أحد من الناس كائنًا من كان؟. قال شيخ الإسلام: فإذا كان المخالف عن أمره قد حذر من الكفر والشرك، أو من العذاب الأليم، دل على أنه قد يكون مفضيًا إلى الكفر والعذاب الأليم، ومعلوم أن إفضاءه إلى العذاب هو مجرد فعل المعصية، فإفضاؤه إلى الكفر إنما هو لما يقترن به من استخفاف بحق الآمر، كما فعل إبليس لعنه الله.
فإذا علمت أن المخالفة عن أمره صلى الله عليه وسلم سبب للفتنة، التي هي