للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القلب لله بالحب والخضوع والانقياد له وحده لا شريك

له، فيجب إفراد الله تعالى بها، كالدعاء والخوف والمحبة، والتوكل والإنابة، والتوبة، والذبح، والنذر، والسجود، وجميع أنواع العبادة فيجب صرف جميع ذلك لله وحده لا شريك له، فمن صرف شيئًا مما لا يصلح إلا لله من العبادات لغير الله، فهو مشرك ولو نطق بـ: لا إله إلا الله، إذ لم يعمل بما تقتضيه من التوحيد والإخلاص.

ذكر نصوص العلماء في معنى الإله، قال ابن عباس رضي الله عنه: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. وقال الوزير أبو المظفر [بن هبيرة] في "الإفصاح"، قوله: " شهادة أن لا إله إلا الله "، يقتضي أن يكون الشاهد عالمًا بأن: لا إله إلا الله، كما قال: الله عز وجل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} ١.

وينبغي أن يكون الناطق بها شاهدًا فيها، فقد قال الله عز وجل ما أوضح به أن الشاهد بالحق إذا لم يكن عالمًا بما شهد به، فإنه غير بالغ من الصدق به مع من شهد من ذلك بما يعلمه في قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ٢. قال: واسم الله تعالى مرتفع بعد " إلا " من حيث إنه الواجب له الإلهية. فلا يستحقها غيره سبحانه. قال: واقتضى الإقرار بها أن تعلم أن كل ما فيه أمارة للحدث، فإنه لا يكون إلهًا، فإذا قلت: لا إله إلا الله، فقد اشتمل نطقك هذا على أن ما سوى الله ليس بإله، فيلزمك إفراده سبحانه بذلك وحده.

قال: وجملة الفائدة في ذلك أن تعلم أن هذه الكلمة هي مشتملة على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فإنك لما نفيت الإلهية، وأثبت الإيجاب لله سبحانه، كنت ممن كفر بالطاغوت وآمن بالله.

وقال أبو عبد الله القرطبي في" التفسير": {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} ، أي. لا معبود إلا هو. وقال الزمخشري: الإله من أسماء الأجناس - كالرجل والفرس - اسم يقع على كل معبود بحق أو بباطل، ثم غلب على المعبود بحق.


١ سورة محمد آية: ١٩.
٢ سورة الزخرف آية: ٨٦.

<<  <   >  >>