للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلا والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني" ١. رواه البخاري وفيه وجهان.

أحدهما: قال القرطبي: "ظاهر قول عيسى عليه السلام للرجل سرقت أنه خبر جازم، لكونه أخذ مالاً من حرز في خفية، وقول الرجل: كلا نفي لذلك، ثم أكده باليمين. وقول عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني أي: صدقت من حلف بالله، وكذبت ما ظهر لي من كون الأخذ سرقة، فإنه يحتمل أن يكون الرجل أخذ ما له فيه حق، أو ما أذن له صاحبه في أخذه، أو أخذه ليقلبه، وينظر فيه ولم يقصد الغصب والاستيلاء".

قلت: وهذا فيه نظر وصدر الحديث يرده وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم "رأى عيسى رجلاً يسرق"، فأثبت صلى الله عليه وسلم سرقته.

الثاني: ما قاله ابن القيم: "إن الله تعالى كان في قلبه أجل من أن يحلف به أحد كاذبًا. فدار الأمر بين تهمة الحالف، وتهمة بصره، فرد التهمة إلى بصره، كما ظن آدم عليه السلام صدق إبليس لما حلف له أنه ناصح [كما في الأعراف ٢١] ".

قلت: هذا القول أحسن من الأول وهو الصواب إن شاء الله تعالى. وحدثت عن المصنف أنه حمل حديث الباب على اليمين في الدعاوي، كمن يتحاكم عند الحاكم فيحكم على خصمه باليمين، فيحلف فيجب عليه أن يرضى.


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٤٤) , ومسلم: الفضائل (٢٣٦٨) , والنسائي: آداب القضاة (٥٤٢٧) , وابن ماجه: الكفارات (٢١٠٢) , وأحمد (٢/٣١٤ ,٢/٣٨٣) .

<<  <   >  >>