للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف بمن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من يركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض. والله وحياة فلان أو يقول: نذرًا لله ولفلان، وأنا تائب لله ولفلان، وأرجو الله وفلانًا. فوازن بين هذه الألفاظ، وبين قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش. يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي صلى الله عليه وسلم لقائل تلك الكلمة، وأنه إذا كان قد جعله ندًّا بها، فهذا قد جعل من لا يداني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من الأشياء، بل لعله أن يكون من أعدائه ندًّا لرب العالمين. فالسجود، والعبادة، والتوكل، والإنابة، والتقوى، والخشية، والتوبة، والنذر، والحلف، والتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، والاستغفار، وحلق الرأس خضوعًا وتعبدًا، والطواف بالبيت والدعاء، كل ذلك محض حق لله الذي لا يصلح ولا ينبغي لسواه، من ملك مقرب ولا نبي مرسل. وفي "مسند" الإمام أحمد: "أن رجلاً أتى به النبي صلى الله عليه وسلم قد أذنب فلما وقف بين يديه قال: اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد فقال: عرف الحق لأهله" ١.

قلت: إذا كان هذا كلامه صلى الله عليه وسلم لمن قال له: ما شاء الله وشئت فكيف بمن يقول فيه [البوصيري في البردة] ؟!:

١٥٤-فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم.

ويقول في همزيته:

٤٢٧-هذه علتي وأنت طبيبي ... ليس يخفى عليك في القلب داء.

وأشباه هذا من الكفر الصريح.

قال: ولابن ماجة عن الطفيل أخي عائشة لأمها قال: "رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: عُزَيْر بن الله. قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله، وشاء محمد. ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم


١ أحمد (٣/٤٣٥) .

<<  <   >  >>