أي: ملك الملوك، وسلطان السلاطين، فإن ذلك ليس لأحد غير الله. فتسمية غيره بهذا من أبطل الباطل، والله لا يحب الباطل وقد ألحق أهل العلم بهذا قاضي القضاة وقالوا: ليس قاضي القضاة إلا من يقضي الحق وهو خير الفاصلين الذي إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون. ويلي هذا الاسم في القبح والكراهة والكذب سيد الناس وسيد الكل، وليس ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة كما قال:"أنا سيد ولد آدم"، فلا يجوز لأحد قط أن يقول عن غيره: هو سيد الناس. كما لا يجوز له أن يقول: أنا سيد ولد آدم عليه السلام".
وقال ابن أبي جمرة: "يلتحق بملك الأملاك قاضي القضاة، وإن كان قد اشتهر في بلاد الشرق من قديم الزمان إطلاق ذلك على كبير القضاة. وقد سلم أهل المغرب من هذا، فاسم كبير القضاة عندهم قاضي الجماعة. وقد زعم بعض المتأخرين [هو ابن المنيّر] أن التسمي بقاضي القضاة ونحوها جائز، واستدل له بحديث:"أقضاكم علي". قال: فيستفاد منه أن لا حرج على من أطلق على قاض أن يكون أعدل القضاة، وأعلمهم في زمانه أقضى القضاة، أو يريد إقليمه، أو بلده". وتعقبه العالم العراقي، فصوب المنع، ورد ما احتج به بأن التفضيل في ذلك وقع في حق من خوطب به، ومن يلتحق بهم، فليس مساويًا لإطلاق التفضيل بالألف واللام. قال: ولا يخفى ما في ذلك من الجرأة وسوء الأدب. ولا عبرة بقول من ولي القضاة، فنعت بذلك، فلذ في سمعه واحتال في الجواز، فإن الحق أحق أن يتبع".