قوله:"لا أجهدك". معناه: لا أشق عليك في رد شيء تأخذه، أو تطلبه من مالي. ذكره النووي.
وهذا حديث عظيم، وفيه معتبر، فإن الأولين جحدا نعمة الله، فما أقرا لله بنعمته، ولا نسبا النعمة إلى المنعم بها، ولا أدّيا حق الله، فحل عليهما السخط. وأما الأعمى فاعترف بنعمة الله، ونسبها إلى من أنعم عليه بها، وأدّى حق الله فيها، فاستحق الرضى من الله بقيامه بشكر النعمة لما أتى بأركان الشكر الثلاثة التي لا يقوم الشكر إلا بها، وهي: الإقرار بالنعمة، ونسبتها إلى المنعم، وبذلها فيما يحب.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:"أصل الشكر هو الاعتراف بإنعام المنعم على وجه الخضوع له، والذل، والمحبة، فمن لم يعرف النعمة، بل كان جاهلاً بها، لم يشكرها، ومن عرفها ولم يعرف المنعم بها، لم يشكرها أيضًا، ومن عرف النعمة والمنعم، لكن جحدها كما يجحدها المنكر لنعمة المنعم عليه بها، فقد كفرها، ومن عرف النعمة والمنعم بها وأقر بها ولم يجحدها، ولكن لم يخضع له ولم يحبه ولم يرض به وعنه، لم يشكره أيضًا، ومن عرفها وعرف المنعم بها وأقر بها وخضع للمنعم بها وأحبه ورضي به وعنه، واستعملها في محابه وطاعته، فهذا هو الشاكر لها. فلا بد في الشكر من علم القلب، وعمل يتبع العلم، وهو الميل إلى المنعم ومحبته والخضوع له".